الفصل الاول..
صباحا في إحدى قرى الريف ذات المناظر الرائعة و الرُقعة الخضراء الجذابة و المجرى المائي التي تطل عليه تلك القرية، وسكانها أصحاب القلوب الطيبة و الوجوه البشوشة المبتسمة برغم أعباء الحياة، تجدهم مترابطون و يحبون بعضهم كل منهم يهتم لأمر الآخر ليس فضولا لكن تكاتفا منهم فجميعهم أبناء قرية واحدة، لا تعرف غنيهم من فقيرهم فلا تظهر فروقاً مادية بينهم؛ فالكل يساعد غيره و يتكاتف ليمد له يد العون..
ذلك المنزل الكبير ذو الرقعة الواسعة القريبة من المجرى المائي هو منزل الحاج « صفوان الناجي» كبير القرية وعُمدتها أو كما يُعرف باسم ( دوّار العمدة) ، فهو ملجأ و ملاذ كل غريب عن القرية أو أحد أبنائها إن كانت لديه مشكلة أو خصومة مع أحد ما فالكل يلجأ للحاج صفوان ليحكم بينهم بالعدل و يرجع الحقوق لأصحابها. فهو رجل طيب المعشر ذو عقل راجح و حكيم يتمتع بصحة قوية وتعيش معه زوجته الحاجة « عنايات» و لم يُرزقا بأطفال و شقيقيه « حسان الناجي » متزوج من ابنة خاله « أسماء» وأطفالهما « أكرم و جابر و سلمى » و « فضل الناجي» وزوجته « صفية» و أبناءهما « فايزة و منى و جمال» و الشقيقة الصغرى « فاطيما الناجي» لم تتزوج بعد و مازالت طالبة جامعية. اجتمعت العائلة حول مائدة الإفطار في جو عائلي بهيج و السعادة تغمرهم و حولهم أبناءهم جميعا؛ فالحاج صفوان قد خصص لكل شقيق طابق بأكمله ليعيش فيه مع أسرته و لكل منهم أملاكه التي يديرها بنفسه لكن تحت عباءة الحاج صفوان فهو مازال شقيقهم الأكبر وفي مثابة والدهم الذي ينتظرون منه المشورة و النصح دوما.
يتناولون طعامهم و يتشاورون في أمورهم وما يخصهم و يأخذون برأي الحاج صفوان أما الزوجات فقد كن يتشاورن مع بعضهن فيما يخص المنزل و الأبناء، و بعد انتهائهم جميعا جلس الأشقاء في الشرفة يتشاورون في أعمالهم.
ليسألهم صفوان عن المشروع الجديد الذي سيقيمه أشقاؤه بالمشاركة بينهم: طمنوني السيولة معاكم كفاية وألا هتحتاجوا أمولكم بمبلغ أكبر؟
ليجيبه حسان قائلا: الحمدلله يا حاج السيولة تمام و خير ربنا كتير، و إن شاءالله آخر الشهر هنبدأ في الأساسات للمصنع و هيباة فرصة كبيرة أوي يشغل أولاد البلد و يفتح بيوت أكتر.
ليضيف فضل أيضا: وأنا خلصت كل التراخيص و الموافقات الحمدلله و جبنا كل مواد البناء اللازمة و المهندس كارم تمم عليهم و موجودين في الموقع.
ليومئ صفوان برأسه مبتسما و راضيا عما فعله إخوته: الحمدلله كده يباة كل حاجة تمام و نتوكل على الله و نبدأ في المعاد الي اتفقنا عليه. و متنسوش تتفقوا مع الجزار عشان الدبايح الي هتتوزع على أهل البلد و العمال و الصنايعية الي هيشتغلوا في المصنع، ربنا يجعلها فاتحة خير علينا جميعا يارب.
ليؤمن أشقاءه خلفه داعين الله أن ينتهي بناء المصنع و تشغيله على خير، ثم انصرف كل منهم لعمله ليعودوا في موعد الغداء.
عند نساء عائلة الناجي..
يلعب الأطفال سوية بينما النساء يتحدثن في أمورهن و ما سيفعلن خلال أيام عيد الأضحى المبارك المنتظر بعد أسبوع من الآن؛ فالحاجة عنايات تقوم بشراء ما يلزمها و زوجات أشقاء صفوان من ملابس و عطور و مصوغات ذهبية بينما أسماء تحصي أسماء نساء القرية اللواتي يحتجن للمساعدة سواء مادية أو ملابس للعيد و ألعاب للأطفال بينما صفية تقوم بإعداد الحلوى و وزيعها أيضا على منازل القرية. بينما الأخت الصغرى مدللة العائلة تقوم بمساعدة أي فتاة ستتزوج في القرية في شراء احتياجاتها من ملابس و وأدوات الزينة و العطور لذوقها الراقي و أيضا تعرف محالٍ تجارية تقدم تخفيضات مناسبة للفتيات ممن لهن ظروف صعبة وحتى يضمنوا استمرار التعامل بينهم و بين عائلة الناجي الثرية.
انتهت صفية و أسماء من تحضير طعام الغداء بينما السيدة عنايات تقوم بتحفيظ الصغار القرآن الكريم، ثم وضعتا الطعام تزامنا مع عودة رجال العائلة و جلسوا جميعا وقبل البدء في تناول الطعام.
دخلت الشقيقة الصغرى فاطيما كعادتها تنادي الجميع و تصرخ و تضحك قائلة: إنتوا فين يا عيلة الناجي؟! أنا نجحت يا بشررر نجحت يا عاالم و ضحكاتها تملأ أرجاء المنزل.
ليركض الجميع ملتفون حولها ينهالون عليها بقبلاتهم و مباركاتهم على نجاحها بتفوق؛ فقد اثبتت للجميع برغم أنها الفتاة الوحيدة لثلاثة أشقاء و كونها مدللتهم جميعا إلا أنها تذاكر بجد والآن تخرجت من الجامعة بتقدير امتياز و لم تستغل ثروة عائلتها أو سمعتهم كما يفعل غيرها ليحصل على ما يريد حتى يصبح فاسدا من فرط تدليله.
رواية ما تخبأه اقدارنا الحلقه العاشره